الصحافة المصرية.. ذاكرة النصر وسلاح الحقيقة
تاريخ الخبر:
2025/10/22
تاريخ النشر:
2025/10/22
الفئة:
ندوات
رموز الإعلام القومي يستعيدون ذاكرة النصر ويؤكدون: معركة الوعي لا تقل عن معركة السلاح
جيل أكتوبر صنع النصر.. وجيل الصحافة القومية يوثق البطولة بالكلمة الصادقة
الصحافة المصرية.. ذاكرة النصر وسلاح الحقيقة
⸻
أسامة طلعت: دار الكتب والوثائق تحفظ ذاكرة الصحافة في لحظة النصر.. والوعي هو جبهة الحرب الجديدة
أسامة السعيد: من جيل أكتوبر تعلمنا أن الجريدة وثيقة للتاريخ لا تُمحى
جميل عفيفي: الصحافة القومية وثيقة لا تزيفها الشائعات.. وسلاحها المصداقية
أحمد أيوب: كما انتصرنا بالسلاح في أكتوبر.. سننتصر بالوعي في معركة الحقيقة
⸻
في إطار احتفالات وزارة الثقافة بذكرى نصر أكتوبر المجيد، نظمت الهيئة العامة لدار الكتب والوثائق القومية برئاسة الأستاذ الدكتور أسامة طلعت، ندوة بعنوان:
«مانشيتات النصر: الصحافة القومية في قلب معركة أكتوبر»،
شارك فيها نخبة من رموز الصحافة القومية ممن لهم باع طويل وخبرة كبيرة في العمل الإعلامي الوطني، وهم:
الدكتور أسامة السعيد رئيس تحرير جريدة الأخبار،
الأستاذ أحمد أيوب رئيس تحرير جريدة الجمهورية،
والأستاذ جميل عفيفي مدير تحرير الأهرام ومدير مركز الأهرام للترجمة والنشر.
⸻
قبل انطلاق فعاليات الندوة، اصطحب الأستاذ الدكتور أسامة طلعت – رئيس الهيئة العامة لدار الكتب والوثائق القومية، والدكتورة رشدية ربيع – رئيس دار الوثائق القومية – الضيوف في جولة داخل معرض الدوريات التاريخية الذي أقامته دار الوثائق، ويضم مجموعة نادرة من مانشيتات الصحف القومية الصادرة خلال أيام حرب أكتوبر.
استعرض المعرض كيف وثقت الصحافة القومية لحظة العبور المجيدة، من خلال العناوين الأولى التي أعلنت النصر والصور الأصلية لبطولات المقاتلين على الجبهة، إلى جانب عدد من أعداد الصحف التي رصدت تفاعلات النصر في الداخل والخارج، لتجسد الذاكرة الصحفية الحية لتلك الأيام الخالدة في تاريخ الوطن.
⸻
افتتحت الندوة بالسلام الوطني لجمهورية مصر العربية، تلتها كلمة افتتاحية للدكتور أسامة طلعت، الذي أكد أن الحديث عن نصر أكتوبر لا ينفصل عن الحديث عن الصحافة القومية، فهي التي وثقت الحرب بالكلمة والصورة، وصنعت الوعي الجمعي الذي حافظ على روح النصر جيلاً بعد جيل.
⸻
وقال رئيس دار الكتب والوثائق القومية:
«حين نتحدث عن نصر أكتوبر، فنحن لا نتحدث عن معركة عسكرية فحسب، بل عن ملحمة وطنية شاركت فيها كل مؤسسات الدولة، وكانت الصحافة القومية في مقدمة الصفوف، هي التي رفعت المعنويات وغذت روح الصمود، وكانت سلاحًا مكملاً لسلاح الميدان».
وأكد أن الدوريات التاريخية التي تحتفظ بها دار الكتب والوثائق القومية تُظهر بوضوح الدور الهائل للصحافة في صناعة الوعي أثناء الحرب وبعدها، مشيرًا إلى أن الحفاظ على الذاكرة الوطنية واجب مستمر في ظل ما يواجهه العالم من حملات تزييف وتشويه للتاريخ.
وختم كلمته قائلًا:
«نصر أكتوبر ليس مجرد ذكرى، بل هو شاهد على إرادة المصريين التي لا تكسر، وجسر بين الماضي والمستقبل، يحمل في طياته دروسًا خالدة في الوحدة والإيمان والانتماء».
⸻
أسامة السعيد – رئيس تحرير جريدة الأخبار – استعاد ذكرياته في دار الكتب والوثائق القومية قائلًا:
«الحقيقة أن وجودي اليوم في دار الكتب يحمل لي شخصيًا شحنة كبيرة من الذكريات، فقد كنت آتي إلى هذا المكان وأنا طالب في كلية الإعلام، أطلع في قاعة الدوريات على الصحف المصرية القديمة ضمن دراستي، فارتبط هذا المكان في ذاكرتي العلمية والوجدانية، واليوم أعود إليه في مناسبة تجدد الفخر والانتماء».
⸻
وأضاف السعيد:
«عندما نتحدث عن حرب أكتوبر، فنحن لا نستعيد مجرد نصر عسكري، بل لحظة استثنائية في تاريخ الأمة المصرية، لحظة عبور للهزيمة وللشك والانكسار النفسي الذي خلفته نكسة 1967. كانت الصحافة القومية في ذلك الوقت أمام تحديين كبيرين:
الأول مهني، يتمثل في كيفية نقل الحقائق بدقة في ظل ظروف استثنائية ومعلومات محدودة،
والثاني وطني، يتعلق بكيفية رفع الروح المعنوية وتعزيز الثقة في الذات دون مبالغة أو دعاية فارغة».
⸻
واستكمل قائلاً:
«من أبرز النماذج التي تجسد هذا التوازن ما نشرته جريدة الأخبار صباح يوم 7 أكتوبر 1973 بعنوانها التاريخي: "عبرنا القناة ورفعنا علم مصر"، عنوان بسيط ومباشر لكنه يلخص كل شيء — عبور القناة لم يكن فقط عبورًا ماديًا، بل عبورًا من الهزيمة إلى النصر، ومن اليأس إلى الأمل».
⸻
وأكد رئيس تحرير الأخبار:
«الصحافة في تلك الفترة لم تكن فقط ناقلة للأخبار، بل كانت درعًا وطنيًا ضد الشائعات والأكاذيب الإسرائيلية. استخدمت أدواتها ببراعة، فظهرت أشكال صحفية يمكن اعتبارها النواة الأولى لما نعرفه اليوم باسم “الإنفوجراف”. أما الصور الصحفية فقد كانت أداة لا تقل أهمية عن الكلمة، وأشهرها صورة الجندي المصري على خط بارليف التي أصبحت أيقونة للنصر».
⸻
وأضاف السعيد أن الصحافة القومية لم تكتفِ بتسجيل الحدث، بل صنعت وعيًا جديدًا لدى المواطن المصري، مشيرًا إلى مقال موسى صبري "الله أكبر" كمثال على الكتابة التي جمعت بين الإيمان والانتماء.
وختم قائلاً:
«الصحافة القومية لم تكن صحافة الحكومة، بل صحافة الدولة التي تعبر عن هموم الوطن ومصالح الشعب. واليوم، رغم تغير الوسائل، تظل الجريدة وثيقة للتاريخ ومعركة الوعي مستمرة ضد الشائعات والتزييف».
⸻
أحمد أيوب – رئيس تحرير الجمهورية – أكد أن الصحافة القومية كانت وما تزال صوت الوطن وذاكرته الحية، وواحدة من أهم أدوات القوة الناعمة في ترسيخ الوعي الوطني.
وقال أيوب:
«حين نتأمل دور الصحافة القومية في معركة أكتوبر، نجد أننا أمام تجربة جمعت بين الالتزام الوطني والمهنية الصارمة، لم تكن الصحف مجرد ناقلة للأخبار، بل أدت دورًا تعبويًا وتنويريًا، عزز الثقة بين المواطن ومؤسسات الدولة».
⸻
وأشار إلى أن صحف تلك المرحلة كانت تُدار بروح وطنية خالصة، حيث كان الصحفيون جزءًا من معركة الوعي والكرامة، يكتبون بالكلمة ما يعادل رصاصة في جبهة القتال، وأضاف:
«لقد تعلمنا من جيل أكتوبر أن الجريدة ليست مجرد أوراق تُطبع، بل وثيقة تُكتب بمداد الصدق والضمير، وتبقى شاهدة على التاريخ».
⸻
وتابع:
«اليوم نخوض حربًا مختلفة... حربًا على العقول. خصمنا لا يحتل الأرض بل يحاول احتلال الوعي من خلال الشائعات والمعلومات المضللة، وهنا يأتي دور الصحافة القومية كدرع وطني للدفاع عن الحقيقة».
وختم كلمته قائلاً:
«الصحافة الوطنية لا تموت لأنها تُكتب بضمير الوطن. قد تتغير الوسائل والمنصات، لكن تبقى الحقيقة واحدة: الكلمة الصادقة أقوى من أي سلاح، والوعي هو النصر الحقيقي».
⸻
جميل عفيفي – مدير تحرير الأهرام ومدير مركز الأهرام للترجمة والنشر – أكد أن الصحافة المصرية في حرب أكتوبر أدت دورًا بطوليًا لا يقل عن دور المقاتل في الميدان.
وقال:
«يوم السادس من أكتوبر لم تكن أي مؤسسة صحفية تعلم بموعد الحرب، ومع ذلك كانت الصحافة القومية في كامل جاهزيتها، وما إن صدرت البيانات الأولى للقوات المسلحة حتى تحولت غرف الأخبار إلى خنادق عمل».
⸻
وأوضح أن الصحافة لم تكتفِ بنقل البيانات الرسمية، بل رصدت المشهد الإنساني والبطولات الفردية، وقدمت للعالم صورة حقيقية عن ملحمة النصر.
وأضاف أن هذا الدور لم يكن تغطية إعلامية فقط، بل سلاحًا معنويًا أسهم في رفع الروح المعنوية ودعم المقاتلين.
⸻
وأشار إلى محاولات ما بعد 2011 لتشويه صورة المؤسسات القومية، قائلاً:
«من يريد أن يهدم دولة يبدأ بضرب مؤسساتها القومية وعلى رأسها الصحافة، لأنها الحصن الأخير للدولة ودرعها الواقي».
⸻
وأكد أن الوثائق الصحفية تظل ثابتة لا تتغير، بخلاف الأخبار الإلكترونية القابلة للتعديل أو الحذف، مشددًا على أن الصحافة القومية هي الوثيقة الباقية عبر الزمن والشاهد الصادق على الحقيقة.
⸻
واختتم قائلاً:
«نحن في معركة مستمرة بين الحقيقة والتزييف، بين من يبني الوعي ومن يهدمه، وستظل الصحافة القومية السلاح الذي يدافع عن الدولة بالصدق والعقل، كما دافع عنها الجندي بالسلاح والدم».
⸻
الدكتور أسامة طلعت اختتم الندوة بمداخلة وطنية ثرية استعرض فيها مسيرة الجيش المصري عبر العصور، مؤكدًا أن مصر لم تخض حربًا إلا دفاعًا عن أرضها وهويتها.
وقال:
«منذ أن وحد الملك نعرمر القطرين، لم يعرف الجيش المصري سوى الدفاع عن الوطن، من مجدو إلى المنصورة إلى عين جالوت وصولًا إلى حرب أكتوبر».
⸻
وختم بقوله:
«مصر التي انتصرت في أكتوبر هي نفسها التي تنتصر اليوم في معركة الوعي، الجبهة لم تتغير لكنها انتقلت من الميدان إلى العقول، وسننتصر كما انتصرنا، لأننا نحمل سلاحًا لا يُهزم: الوعي، والإيمان، والانتماء».